ما أعجب قصة هؤلاء النفر الثلاثة من أصحاب رسول الله , الذين خُلِّفوا عن القتال فضاقت عليهم الأرض بما رحبت، بعد أن عزلهم الرسول عن المجتمع المسلم، ونهى الناس عن تكليمهم، فصاروا غرباء في أهلهم وذويهم، حتى وصل الحال إلى أن أمر زوجاتهم بفراقهم، فصاروا كالمنبوذين في المدينة لا يتصل بهم أحد ولا يكلمهم أحد، حتى نزل فرج الله سبحانه وتعالى بالتوبة عليهم فوسع الله عليهم بعد أن كانوا في ضيق، ونَفَّس عنهم بعد أن كانوا في كربة.}وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ{[التوبة8]. تخيل نفسك في وضع أحدهم.. حصار اجتماعي فلا يسمح لأحد ممن حولهم أن يكلمهم، ضغط نفسي من شدة تأنيب الضمير مع عدم وجود من يخفف عنهم.غربة موحشة حين تتفرس أعين القوم بهم بلغة اللوم والعتاب, وهم لا يجدون عذرًا مقبولاً يدافعون به عن أنفسهم... بعد عن الزوجات والأبناء رغم القرب.. يا له من ضغط نفسي لا تصمد أمامه النفس البشرية كثيرًا ولكن حين ضاقت النفس بهم بعد ضيق الأرض برحابها, جاءهم الفرج من لدن رب غفور رحيم.. فتفكر أيها المتضايق من سجن نفسه واهتف بحرارة وصدق (يا رب). وتذكر أيضا قصة الثلاثة من بني إسرائيل الذين دخلوا في الغار، فانطبقت عليهم الصخرة، ثم فرج الله سبحانه وتعالى عليهم بعد أن أيقنوا بالموت والهلاك.واسأل نفسك.. هل فعلت عملاً صالحًا مثلهم تتقرب إلى الله به وتسأله أن يفرج به كربك حين تغشي الأزمات حياتك؟ *إن كان الجواب لا؛ فبادر من الآن.. ولا تتكاسل فلا تيأس أيها المؤمن, فالنور ينبلج دوما من رحم الظلام