1- أسباب تشاجر الإخوة: الشجار بين الأطفال لا يكاد يخلو منه بيت من البيوت، وكثيراً ما يستمتع الإخوة وهم يتشاجرون بعضهم مع بعض، فهم يتعرَّفون من خلال تلك المناوشات على إمكاناتهم ونقاط الضعف والقوة عندهم، وهم يجرِّبون نشوة الإثارة والإنتصار. ومن أهم أسباب التشاجر بين الإخوة: الغيرة، والشعور بالنقص، والشعور باضطهاد الكبار، وإنشغال الأبوين عن الأطفال.
كما أنّ الأطفال الذكور يحاولون السيطرة على البنات، وقد يعيِّر الأطفال بعضهم بعضاً بشكل الجسم، أو قصره، أو ضخامته.. فيتشاجرون، وكثيراً ما يتشاجر الأطفال لإمتلاك بعض اللعب.
وبالطبع فإن تلك المشاجرات تثير أعصاب الأبوين، اللذين يصابان بالصدمة حين يعجزان عن منع تلك المشاجرات، حتى إن بعض الآباء يشكُّ في قدرته على التربية، ويسائل نفسه: كيف لا يستطيع تربية أبنائه من دون شجار ولا خصومات؟! وينبغي البدء أوّلاً بدراسة حالة الطفل الصحية، فقد يكون سبب سرعة الغضب أو التشاجر إختلالاً في إفرازات الغدَّة الدرقية، أو سوء التغذية، أو غيرها من الأسباب.
2- ماذا أفعل عندما يتشاجر الأولاد في البيت؟ أ) إذا كان أحد الأولاد عرضة للإصابة بأذى جسدي، فعليك أن تتدخل فوراً حتى تمنع الخطر المحدق بأن تنادي عليهم أن يتوقفوا عن الشجار فوراً، وهذا ما يحدث في شجار الأولاد عادة، أمّا البنات فتميل إلى جولات الصراخ بدلاً من إستخدام العضلات. ب) بعد تحقق الهدوء. حاول أن تقضي وقتاً قصيراً في الإستماع إلى كيف بدأت المعركة، رغم أنّه من المستحيل في الغالب أن تصل إلى القصة الصحيحة. ولكن المهم هو أن تشعرهم أنّك محايد وعادل، وأنك تسمع لما يجول في صدورهم. ت) إذا لم يكن هناك ضرب أو إستعمال العضلات في النزاع. فلا حاجة إلى المسارعة للتدخل وحلّ النزاع، فالأولاد يحتاجون لمثل تلك النزاعات والخلافات، فهم يتعلمون منها أموراً كثيرة، ولو حاولت منع الشجار تماماً، فإنّهم سيبحثون عن بديل لتفريغ تلك الطاقة. وإذا كنت دائم السيطرة على المواقف، فهذا يعني: أنّ العلاقة بينهم غير طبيعية، ومضبوطة بسلطتك أنت عليهم، وأنهم سيهجمون على بعضهم عندما تدير ظهرك عنهم، أوأن تدوم روح العداء بينهم، والتي لم ينفَّس عنها طوال طفولتهم، وستكون العلاقة بينهم ضعيفة، حيث يفضِّلون الإنفصال عن بعضهم في أوّل فرصة. أمّا الأولاد الذين يسمح لهم ببعض الجدال في صغرهم فيصبحون عادة أشدّ قرباً من بعضهم في كبرهم. ث) تذكَّر أنّ الخلاف بين الأولاد ليس كله ضارّاً، وليس بالسوء الذي يبدو للكبار. ج) أوضح لأبنائك أنك لست ضدّ محاولتهم فضّ الخلاف بأنفسهم، ولكن ضد الضوضاء التي يصلون إليها لفضِّ خلافهم، وإذا كان الخلاف على لعبة فيمكنك أخذ اللعبة منهم جميعاً، وأخبرهم أنّه يمكن إسترجاعها بعد أن يتوصلوا إلى إتفاق، وقد يحتاج الأمر إلى إرسال كل منهم إلى مكان أو غرفة لفترة قصيرة. ح) ربَّما تكون المشكلة أعسر، عندما يكون فارق السن كبيراً بين الأولاد المتنازعين، ورغم أنّ الكبير أقوى من الصغير، إلا أنّ الصغير قادر أيضاً على إزعاج الكبير، وخاصة أنّه قد يحتمي بصغره، وقد يبالغ الولد في ألمه ودموعه. خ) حاول أن لا تنحاز مع أحد الأولاد ضدّ الآخر، أشعر الكبير أن عليه أن يعطف على أخيه الصغير، وشجّعه على التحلي بالصبر، واطلب منه أن يخبرك فوراً إذا كان قد حاول الصبر ولم يتمالك نفسه. د) ساعد الصغير على أن يحترم الكبير، وأن لا يحاول إزعاج الولد الأكبر فينتقم منه. ذ) لا تسرع بمعاقبة (المذنب)؛ فإن ذلك ينمِّي بينهم روح الغيظ والإنتقام، وقد يقع عقابك على البريء، فيشك الطرفان في حكمك في المستقبل. ر) لا تقارن الواحد منهم بالآخر فتقول لأحدهم: "إنّ أخاك كان أفضل منك عندما كان في سنِّك"، أو "إنّك على عكس أخيك، فهو يطيع من أوّل مرّة أقول له شيئاً"، فإن ذلك يجعل الولد يشعر بالذنب من نفسه والغيظ من أخيه، وإن تكرار هذه المقارنة يجعل الولد يكره التشبه والإقتداء بأخيه رغم صفاته الحسنة. ز) ولعلَّ من الطرق المناسبة لإمتصاص ثورة العراك بين الأطفال تحويل نقمتهم إلى نوع من العمل الإيجابي السليم، كمساعدة الغير، أو دعوتهم لمساعدة أُمّهم، أو ما شابه، ومن الخطأ أن يتوقع الآباء أن يتصرَّف الأبناء بعقلية الآباء. س) على الأُم المحافظة على هدوئها قدر الإمكان أثناء غضب ابنها أو مشاجرته مع إخوته. ش) على الأبوين أن يكونا قدوة حسنة، فيقلعوا عن عصبيتهم وثورتهم لأتفه الأمور أمام الأبناء. ص) لا تدع ابنك يذوق حلاوة الإنتصار، بتحقيق الرغبة التي انفجر الطفل باكياً من أجلها وغضب. ض) على الآباء إصلاح أنفسهم أوّلاً، فكثير من حالات التشاجر عند الأطفال مرجعها الآباء أنفسهم، بسبب سلوكهم المتَّسم بالحزم المبالغ فيه، والسيطرة الكاملة على الطفل، ورغبتهم في إطاعة أوامرهم طاعة عمياء، وثورتهم وشجارهم في المنزل لأتفه الأسباب.
3- أبنائي يتشاجرون في السيارة: لا شكَّ أنّ الشجار بين الأطفال في المقعد الخلفي للسيارة مصدر من مصادر الإزعاج للوالدين. وينبغي إستعمال حزام الأمان من قِبَل كل ركاب السيارة، فإن ذلك يمنع تزاحم الأطفال، واستيلاء كل منهم على مكان الآخر. وفي الرحلات التي تستغرق وقتاً طويلاً يمكن للأُم أن تجلس في المقعد الخلفي، مما يقلِّل من إزعاج الأطفال بعضهم بعضاً. ذكِّر أطفالك باصطحاب لعب خفيفة، أو كتب داخل السيارة.. وإذا ما حدث شجار بين الأولاد في السيارة، أوقف سيارتك لبضع دقائق، وإن كنت تسير بمحاذاة الشاطئ أو أحد المنتزهات فعليك بالإبتعاد عن الشاطئ، حتى يشعر الأطفال بأنّهم حُرموا من متعة التنزُّه ولو لدقائق معدودات.
4- العدل بين الأولاد: إنّ سألكِ طفلكِ يوماً: "هل تحبينني؟"، أو قال بفورة غضب: "بالطبع أنتم تهملونني.." فاعلمي أيتها الأُم أن طفلك بحاجة إلى جرعة مضاعفة من الحب والحنان، وعدم التمييز بينه وبين إخوته، وعدم تفضيلهم عليه، أو الإنشغال عنه. وقد يضرب الطفل أخاه الصغير بغيظ وحنق، وقد يلقي بأشيائه وملابسه بعيداً، وهذا طبيعي، لأنّ الطفل الكبير فوجئ بقادم جديد يشعر أنّه ينافسه على والديه، فلابدّ من الحكمة والصبر مع كليهما. فالعدل وعدم التدليل للصغير على حساب الكبير يحلُّ كثيراً من المشكلات. وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم". وهكذا تكون المساواة بين الأطفال حتى في القُبَل، فإن قبَّلت أحدهم فقبِّل الآخرين.
5- العدوان على الأقران: قد يتخذ العدوان بين الأطفال أشكالاً ثلاثة: - فقد يدافع الطفل عن نفسه ضدّ عدوان أحد أقرانه. - أو يقاتل الطفلُ الآخرين باستمرار لكي يسيطر على أقرانه. - أو يقوم الطفل بتحطيم بعض أثاث البيت عند الغضب، ولا يستطيع السيطرة على نفسه.
والحقيقة أنّ معظم مشاجرات الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة تنشأ بسبب الصراع على الممتلكات، كأن يحاول الطفل أخذ لعبة طفل آخر. وقد يكون سبب العدوان الإقتداء بسلوك الرفاق أو الأخوة أو الوالدين. وربّما يلعب غياب الأب لفترات طويلة دوراً في حدوث العدوان، حيث يتمرَّد الأطفال وخاصة الذكور على سلطة الأُم.
المصدر: كتاب كيف تربي أبناءك في هذا الزمان؟
ايوبي • مبرمج شبكة معلوماتية • عضو في مخابرات ثورة السورية • متذوق للشعر الفصيح