كانت ايات الله تعالى تتلى عندما سمعها هارون سيلرز لاول مرة بصوت الشيخ خالد القحطاني عندما ذهب إلى أحد المساجد المحلية وعندما كان واقفا في الردهة سمع هذا الصوت الجميل الذي بدا وكأن هناك شخصا يغني ، وعندما ذهب إلى غرفة الصلاة لم ير أحدا هناك فأخذ يتتبع الصوت إلى أن وصل إلى غرفة حيث كان هناك أحد الإخوة ومعه مسجل وأشرطة للبيع فسأله عن ذلك الشريط الجميل الذي كان يديره فقال: إنه القرآن بصوت الشيخ خالد القحطاني فحرص على اقناءه فورا وتمنى لو استطاع مقابلة الشيخ فشعر بالحزن الشديد لعدم تمكنه من مقابلته ولكنه كان سعيداً بالحصول على الشريط، ثم أسرع إلى سيارته وكان متلهفا لسماع هذا الشريط وهو في طريقه للمنزل. لقد أصاب قلبه الذهول لما سمعه! وحتى ذلك الحين لم تكن صلته بالقرآن إلا عن طريق اللغة الإنجليزية. وأصابته الدهشة لمدى جماله باللغة العربية، فغمرت قلبه سعادة بالغة وهو يفكر في مدى كرم الله ورحمته في إنزاله لكتابه بهذه الطريقة الجميلة. ونظرا لكونه موسيقيا من قبل في جاهليته ويكتب الشعر كثيرا، بدا يلاحظ أن هناك نمطا إيقاعيا في بعض الآيات ورفع درجة الصوت أكثر فأكثر وأصبح قلبه أسيرا لما يسمع وشعر برجفة في صدره وبدأت شفتاه ترتعشان وكذلك يداه وما لبثت أن انخرط في البكاء وعلا نحيبه بدرجة قوية وحادة فاضطر إلى أن يوقف السيارة إلى جانب الطريق حتى لا يسبب حادثا ولم يستطع أن يصدق أنه تأثر بشدة بالرغم من أنه لم تكن لديه أي فكرة عما كان يقوله الشريط.
والحمد لله لقد هدى الله إلى الإسلام أحد أعز أصدقائه الذي كان عازفاً للجيتار في فرقته وبعد اعتناقه الإسلام تعلق قلبه بتعلم اللغة العربية فتعلمها بهمة قوية مثلما تعلم عزف الأغاني من قبل . وبعد فترة من الوقت دعاه صديقه (كريس) الذي أسمى نفسه الآن (خليل) إلى منزله في إحدى الليالي وبصوت شديد الانفعال طلب منه الحضور على الفور وعندما ذهب إلى هناك أخبره أنه عرف اسم السورة التي سمعها لأول مرة في شريطه المفضل ذلك وأنه سيسمعه الشريط مرة أخرى ويساعده في قراءة السورة بالإنجليزية. فانتابه شعور بالتوتر والفرحة لأنه عرف أن ما سيسمعه ويفهمه في النهاية في هذه الرسالة القوية من الخالق المدبر للوجود كله.
وكان أول ما شد قلبه هو اسم السورة التي أراها إياها أخوه خليل فقد كان اسمها (الشعراء) فقال في نفسه سبحان الله هذه القراءة التي شد إليها كثيرا هي من سورة الشعراء وهو أيضاً شاعر! وعندما بدأ الشريط يدور ثانية كان صديقه خليل يشير إلى معنى كل آية بالإنجليزية . فشعر وكأن أحدا يضع أثقالا فوق ظهره مع كل آية يسمعها . وأخذ يدير رأسه يمينا وشمالا لأنه لم يستطع أن يصدق أن مثل هذه المعاني العميقة الرحبة يمكن أن يعبر عنها بمثل هذه الطريقة الجميلة الأخاذة . وأراد أن يقفز صارخا (هذا من الله .. هذا من الله .. هذا من الله) لقد جعله تأثير سماع وفهم هذه الآيات القوية على قلبه الضعيف يشعر وكأنه سيغمى عليه لقد أدرك حينئذ حقيقة القصص التي قيلت له عن بعض السلف الصالح الذين كانوا عندما يستمعون إلى آيات معينة من القرآن يغمى عليهم بل يموت بعضهم من شدة التأثر.
لقد تأثر كثيرا ببعض عبارات الحكمة التي قرأها عن الشيخ ابن تيمية ـ عليه رحمة الله ـ فقد قال ما معناه لا يوجد أعجب من ذلك الشخص الذي يتأثر عند سماعه للقرآن كثيرا إلى درجة الموت إلا ذلك الشخص الذي يسمع (أو يقرأ) القرآن ويتأثر به بشدة إلى درجة أنه هو نفسه يتغير ثم يحيا بعد ذلك! فما أعظم الفوائد التي يجلبها هذا التغيير لا لروحه فحسب وإنما أيضا لأرواح كثير من الآخرين ! إنها شجرة أصلها ثابت تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
وقد ذكر هارون سيلرز في الرسالة التي ارسلها الى الشيخ خالد القحطاني انه
منذ ذلك الحين وهو يدرك أن أعظم دواء شاف لجميع أمراض القلوب هو كلام الله .
ولكي يساعد في إيصال هذا الدواء إلى المرضى والمحتاجين بدأ في تكوين شركة باسم (الذين يفكرون في الإنتاج) ولأجل مشروعه الرئيسي قام ببعض التسجيلات حيث كان يقرأ معاني القرآن بالإنجليزية بعد قراءة الآية بالعربية بصوت الشيخ . وقد كان الدعم والاستجابة لهذا العمل هائلين . ولم يكن لذلك تأثير على غير المسلمين فحسب بل وأيضا على المسلمين الكادحين في حياتهم .