بدى مكتنز مهتما ببركة الضفادع ، إهتماما بالغا فقد إختفى وراء ربوة صغيرة ، وأخد يراقب قصيرة وهي تصطاد الضفادع تلتهم واحدة تلو أخرى بنهم شديد...لقد هام مكتنز بقصيرة منذ مدة وبات يتابع تحركاتها ليلا ونهارا.فقد كان يراها أجمل فتاة تستحق أن تخطف منه قلبه المتيم ..ما إن إنتهت قصيرة من إسعاد بطنها من وجبتها الشهية حتى تمرغت في الوحل بضع دقائق لكي تتخلص من الطفيليات الملتصقة بجسدها المحترق بلهيب الشمس الحارقة ...حينها زاد حبه لها وعلم أن قصيرة من عائلة متحضرة تتبع التربية الحديثة...
كان يخاف الإعتراف لها بهذا الهيام الساكن بين جدران صدره ، فتصده عنها ويخسر حبه الأزلي...تابع مسيرة مراقبتها في كل يوم وفي كل ساعة ، حتى شعرت قصيرة بتواجده وباتت متأكدة بأن مكتنز يريد شيئا منها ...ذات يوم وهي تعالج معدتها بفطور الضفادع وببعض الأفاعي الصغيرة ...تطلعت نحو الربوة فوجدته متصلبا ، واضعا وجهه بين كفيه ويتأملها...قالت له ماذا تريد مني ياعديم الأخلاق...رد عليها بسرعة البرق أحبك قصيرة أحبك...تبسمت وقالت له هذا كل ما لديك...أجابها بخجل شديد نعم قصيرة نعم قصيرة ...كانت نبضات قلبه تخفق كأنها معزوفة زلزالية....
لازمت قصيرة مكتنز وصارا يخرجان كل يوم نحو الغابات ويصطادان مالذ وطاب من الفرائس الشهية ...ويستحمان في المستنقعات المنتشرة هناك...أحست قصيرة بالأمان مع مكتنز، رغم أن مكتنز يعلو وجههه بعض البثور البارزة وتلك الأسنان الصفراء النخرة والغير منتظمة...وتلك العيون الجاحظة...ورغم أن رائحة فهمه كأنها المجاري ...فقد كانت معجبة به وشغف حبها له كيانها بأسره...وحتى هو لا يطيق فراقها ولو للحظة رغم أنها قصيرة تتخلل فروة شعرها بعض الصلع، ويكتسي وجهها بعض الزغب الذي يوازي شواربه ومع تواجد كم هائل من الحشرات المتطفلة تلتصق بجسمها...فهو لا يبالي ويحبها إلى حد الجنون...
فقد كان إلتصاقه بها يسبب له حكا شديدا فصارحها بذلك ، ومن قلبها الطيب أرشدته إلى طبيب الحي المتواجد في أعلى الجبل ، وصف له الطبيب بعض الأدوية وصرفها من صيدلية النهر، كانت الوصفة عبارة عن أعشاب يابسة يلتهمها قبل الأكل وأخرى خضراء يلتهمها بعد الأكل ...مع روث التماسيح الذي وجب عليه الإستحمام به كل يوم كغاسول منشط للمناعة ...فعلا كسب مكتنز مناعة شديدة ولم تعد تستطيع الحشرات الطفيلية التي تقتاق من دماء حبيبته قصيرة إزعاجه...وصارت الأمور على أحسن ما يرام...
تواعدا على سفح الجبل البركاني الهائج...وهناك إلتهبت مشاعرهما الجياشة ، فالجو الرومانسي كان يغري مكتنز بأن يقتنص قبلة حارة من قصيرة التي لم تمانع فإقتربت الوجوه حتى...تناطحا بالجباه تناطحا ساخنا..فقد كانت قبلة العصري الحجري عبارة عن نطحات...أسخنها وأحرها من ينتهي بدماء من أحد الجباه...بعد هذا الجو الرومانسي الجميل ، بات المستقبل يلوح لهما بين نيران البركان...فقال لها آه حبيبتي أتمنى لو نمتلك كهفا صغيرا وفيلا لنسافر ونجوب على ظهره الدنيا...لنكون أسعد حبيبين على وجه البسيطة...إستوقفت تلك الكلمة قصيرة وسألته بسرعة بديهة واضحة..هل تمتلك رخصة قيادة يامكتنز...فرد عليها في غضب شديد إن مقدم الحي منع عني بعض الوثائق...فقالت لا يهمك بسيطة بيضتا ديناصور تهدى إليه وينتهي الإشكال...
كانت فعلا نعم المساعد حين الأزمات والمساند عند الملمات...فقرر مكتنز الزواج من قصيرة . إنتفض قائما من جلسته وقال لها إنتظريني حبيتي سأذهب وأخضر والدتي وأعود بسرعة، بالفعل غاب لهينيهة وحضر من جديد كان يسوق بين يديه ذئبة أخد منها الزمن مأخده...وأصبحت عجوزا تستند على عصا خشبية للمسير ...فهاته هي والدته التي أرضعته ، فقد وجدته ملقى في القمامة...في أحد مزابل بني البشر، فإتخدته ولدا لها وأرضعته حليبها حتى صار بشريا مكتملا...ما إن وصلت الذئبة مهمومة حتى رأت قصيرة تستند على إحدى الأحجار..فخبرت مالم يخبره مكتنز...وبدون مقدمات صاحت الذئبة مهمومة : جواز مكتنز من قصيرة باطل باطل باطل...حينها أوقف المخرج الصورة وأنزل موسيقى تشويقية ، دامت للحظات ، وأكمل المشهد مرة أخرى ، فسألها مكتنز بلهفة شديدة لماذا يأمي لماذا ؟حينها إستقامت قصيرة وأرهفت السمع ...سكتت الذئبة لبرهة وقالت لا يمكن لك الزواج بها فهي أختك في الرضاعة ، لقد أرضعتها سابقا حينما كانت طفلة رضيعة، لقد كنت أشتغل مرضعة عند بني البشر ياولدي...لايجوز لك الزواج بها لايجوز لا يجوز...أوقف المخرج المشهد مرة أخرى وأنزل موسيقى حزينة...حتى أنا شخصيا مللت من هذا التوقف ، فهاتفت المخرج وقلت له ماذا أصابك نريد إستكمال الفيلم في سلام..حينها غضب المخرج ورحل تاركا الفيلم لمصيره المحتوم ...على العموم لا يهم فالقصة أعرف خاتمتها جيدا...
عاد المشهد من جديد للحياة ...وتوقفت موسيقى الحزن ونظرت قصيرة إلى وجه مكتنز ونظر مكتنز بدوره إلى وجه قصيرة ...وتبسما ضاحكين وقالا في صوت واحد لا يهم يأماه نحو في العصر الحجري ويجوز لنا فعل ذلك ...
حينها أسقطت الذئبة الأم العصى من يدها وأخدت ترقص فرحا وطرب الجميع ، وأقيمت الأفراح والليالي الملاح...وتزوج مكتنز بقصيرة وعاشا في سعادة لا توصف ...
ولم يعكر صفو هاته الحياة سوى إعتراف الذئبة الأم بأنها لم تكن تنوي تربية مكتنز ، بل كانت تريد إلتهامه...لكنها عجزت بعدما أخبرها الطبيب بأنها تعاني تسوسا حادا في الأسنان وقرحة متجدرة في المعدة فأصبحت بعد ذلك نباتية ...