موضوع: متى يتحول القبح الى جمال والجمال الى قبح ؟ 6/1/2012, 06:56
تَراهُ فيُعجبكَ شكلُه وكمالُ هيئتِه، ولكن سرعان ما يزول هذا الجمال عندما تقعُ على قُبحِ باطنه، وسوادِ نفسه. حسناء جميلة، لا تلبث أن ترى خلف جمالها فكرَها الملوث، وسعيَها الدؤوب لنشر الرذيلة وقتل العفة والفضيلة، فتنسى جمالَ صورتِها فلا تعود ترى إلا قُبحاً. حَفِيَتْ أقدامُهم وهم يبحثون عنها؛ زوجة لابنهم: امرأة حسناء بيضاء شقراء، ذات عيون خضراء، وما إن وجدوها وتمَّ الزواج؛ إلا واختفى هذا الجمال في عيونهم بعدما لم يجدوا جمال الروح، وطبعاً هم يستحقون انكساف البال هذا؛ فمن يُقدّم جمال الشكل على جمال الروح، يخسرهما معاً. ذكرَ أحدُهم أن رجلاً كان يلبس لباساً جميلاً أنيقاً، ولكنَّ لسانه بذيء. فقال له آخر: يا هذا، إما أن تتكلم مثل لباسك، أو أن تلبس مثل كلامك. كان الأحنفُ بن قيس ـ وهو من كبار التابعين ـ ضئيلاً، صغيرَ الرأس، متراكبَ الأسنان، مُنخسِفَ العين، مائلَ الذقن، في رجليه اعوجاجٌ والتواء إلى الداخل، ولكنه مع هذه الصفات الدميمة كان سيِّدَ قومه؛ لِما عُرف عنه من رجاحة العقل والحِلْمِ والتواضع. قال رجل للأحنف بن قيس: بم سُدْتَ قومَك وأنت أحنف أعور؟ قال: بتركي مالا يعنيني، كما عناك من أمري ما لا يعنيك. وبعد وفاة الأحنف، نَدَبَتْه إحدى النساء فقالت: لقد عشتَ حميدًا مودودًا، ومت شهيدًا فقيدًا، ولقد كنت في المحافل شريفًا، وعلى الأرامل عطوفًا، ومن الناس قريبًا، وفيهم غريبًا، وإن كنت لمسودًا.